الحرية |
الحرية والديمقراطية مفهومان أساسيان في العصر الحاضر، ومعناهما، على مايظهر، واضح جداً، وسهل جداً، إلاَ أن ذلك الوضوح وتلك السهولة يجعلان الموضوع صعب التحليل. فإذا كان الناس جميعاً يعرفون، " بالبداهة "، معنى " حرية "، ومعنى " ديموقراطية"، فأنا أعترف بدوري، بداهة واستدلالاً ، بأني أجهل ، كامل الجهل ، معنى المدلولين السابقين. بل أزيد : إني لا أعرف لهما وجوداً في الواقع.
معنى "حرية"
قد تسلط على كلمة "حرية " إبهام كبير لكثرة ما لاكتها الألسنة، ولكثرة ما راجت في مختلف الهيئات والميادين، منذ أقم العصور. فأمتن ما يمكنني قوله عنها : أنها اسم مؤنث مشتق من جذر يحتوي على (ح.) و (ر.) مضعفة أو إنها كلمة قديمة، كل القدم تستعمل في الفلسفة ، واللاهوت ، والسياسة، ويتناقش حولها الناس في المؤتمرات... وهي أيضاً من الكلمات الشعرية المحببة إلى النفوس:
" وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق "
فما وراء الباب ؟ أضياء، أو ظلام؟
كل هذا لا يعيننا ، مطلاقاً ، على إبراز مفهوم الحرية.
أولاً : ليست هناك "حرية" ولكن حرية كذا..أو كذا.. بمعنى أنه إذا لم يرتبط مفهوم حرية بإضافة أوبوصف ، وبقيت اللفظة مجردة ، صحبتها بلبلة لا يجد معها الفكر "حرية" مستقيمة في نشاطه. فبقدر ما تضيع صيغتها المطلقة وتتخلى عن اتساعها الكلي المجرد، بقدر ما تكسب معنى واقعياً.
فليست لنا "حرية"، ولكن حرية - الصحافة، وحرية - الاجتماع ، وحرية - المعتقدات إلى غير ذلك. ومن هنا يبدأ التناقض ، الحرية ، قبل كل شيء هي التقيد ، بحيث لا يفهم مدلولها إلا إذا تنازلت عن الاستقلال الكلي والتزمت التحديد.
منقول بتصرف
تابعونا فللحديث عن الحرية بقية...